بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً ¯ قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً ¯ مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً ¯ وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً ¯ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبا
فضلُ سورة الكهف :
عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين )) .
[ الجامع الصغير بسند صحيح ]
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾
نِعَمُ الله لا تعدّ ولا تُحصى : الحَمْدُ للَّهِ :
أما كلمة الحمد فتعني النعم ، لأن الإنسان يحمد على النعمة ، فكلمة الحمد وحدها تشير إلى أن الإنسان محاط بنعم لا تعد ولا تحصى ، يعجز المرء عن إحصائها ، فضلاً عن شكرها .
نعمة الوجود ، ونعمة الإمداد ، ونعمة الهدى ، ونعمة هذه الأجهزة التي زودنا الله بها ، كنعمة البصر ، ونعمة السمع ، ونعمة التفكير ، ونعمة الإدراك ، ونعمة الزوجة ، و نعمة الأولاد ، ونعمة الماء العذب الذي صفاه الله لنا ، ونعمة الحيوانات التي ذللها الله لنا ، ونعمة النبات الذي يخرج من الأرض من دون جهد منا .
فلو ذهبنا إلى تعداد النعم ، فإننا نقضي العمر قبل أن تنقضي بعضها ، ولذلك فكلمة الحمد وحدها تعني أن الإنسان محاط بنعم لا تعد ولا تحصى ، ولا أحد على وجه الأرض ينكر أن يكون الإنسان محاطاً بالنعم ، ولكن المشكلة أن هذا الحمد لمن ؟ إنه لله .
أهل الكفر يعزون هذه النعم إلى أنفسهم ، إلى جهدهم ، إلى آلهة أشركوها مع الله عز وجل ، والحق أن النعمة موجودة ، ولكن من صاحبها ؟ من الذي يستحق الشكر عليها ؟
يا داود ، ذكر عبادي بإنعامي عليهم ، فإن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها ، وبغض من أساء إليها .
فلو أن إنساناً أسدل إليك نعمة ، أو عطاءً ، إنك تظل إلى أمد طويلٍ طويل تشكره من أعماقك ، فما بالك وقد أنعم الله عليك بهذا الخلق السوي ؟ إذا نظر الإنسان إلى وجهه في المرآة يجب أن يشكر الله عز وجل .
وكان عليه الصلاة والسلام : إذا نظر إلى وجهه ، دعا بدعاء ، فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( اللَّهُمَّ أَحْسَنْتَ خَلْقِي فَأَحْسِنْ خُلُقِي )) .
[أحمد في المسند]
يا رب كيف أشكرك ؟ قال الله عز وجل ، تذكرني ولا تنساني ، إنك إذا ذكرتني شكرتني ، وإذا ما نسيتني كفرتني .
] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا*وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [ .
( سورة الأحزاب : 41 ـ 42 ) .
اذكروه ذكراً كثيرا ، إنك إذا ذكرته شكرته ، وإذا ما نسيته كفرته ، علامة الشكر أن تكثر ذكره ، وأن تعرف أن هذه النعمة من عنده .
فكلمة الحمد فقط وحدها تعني أنك محاط بنعم لا حدود لها ، لا تنتهي ، ولا حصر لها ، الحمد, كلُّ النَعم من الله وحده .
فهذه النعم ، التي أنت فيها ، يجب أن تشكر الله عليها ، لأن الله هو مصدرها ، وهذا هو الفرق بين المؤمن والكافر ، فالمؤمن يعرف أن النعم من عند الله ، وغير المؤمن ينسبها إلى غير الله ، وفي الحديث القدسي عن أبي الدرداء عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّوَجَلَّ :
(( إني والإنس والجن في نبأ عظيم ، أخلق ويُعبد غيري ، وأرزق ويشكر سواي ، خيري إلى العباد نازل ، وشرهم إلي صاعد ، أتحبب إليهم بنعمي ، وأنا الغني عنهم ، ويتبغضون إلي بالمعاصي ، وهم أفقر شيء إلي )) .
[البيهقي في شعب الإيمان ، والمناوي في فيض القدير]
***