موضعنا اليوم دور وسائل الإعلام في تعزيز مكانة الكتاب
إنّ مكانة الكتاب لدى المواطن العربي لا تحتاج بالضرورة إلى التحليل الإحصائي والدراسة الأكاديمية لمعاينة تدنيّها.. وتهميش الكتاب في المحيط الذي يعيش فيه هذا المواطن كان ولا يزال موضوعا للمعاينة الفاحصة وللجداول الإحصائية والتقارير الوطنية والدولية التي لا مجال لاستعراضها في إطار هذه الدراسة.
كما أن تحديد العوامل التي تفسّر تدني مكانة الكتاب ضمن اهتمامات ومشاغل الجمهور العربي لا يمكن التعرّض إليها إلا بإيجاز في هذا السياق
ـ هناك عوامل موضوعية تعود إلى الجمهور المتلقي للكتاب, وترتبط بقدرته الفعلية على القراءة والكتابة، وبمعرفته لما ينشر من كتب، وبرغبته الحقيقية في المطالعة.
بالرغم من تطور نسبة التمدرس, فإن نسبة الأمية لا تزال مرتفعة في الوطن العربي. وبالرغم من الحوافز المبرمجة للترغيب في الكتاب, فإن هذه الوسيلة الثقافية التي تبقى بالأساس أداة من أدوات التعليم في الوسط المدرسي لا تجد المكانة المتميزة داخل الإطار الأسري وضمن التجهيزات المنزلية أو داخل المحيط المهني ضمن وسائل التنشيط الثقافي. ولا يمكن التأكيد على وجود تقاليد عريقة للمطالعة كما أن الرغبة في المطالعة تبقى ضمن المشاغل الثانوية في أوقات الفراغ وهي مرتبطة أساسا بسن القارئ ومستواه الثقافي ومشاغله المهنية.
إلى جانب هذه العوامل المرتبطة بالجمهور المُتلقّي فإنّ هامشية مكانة الكتاب في المجتمعات العربية يمكن تفسيرها, ودون تعميم, بهشاشة الصناعات الثقافية وضعف إنتاج الورق ومحدودية دور الطباعة ودور النشر. وهذا ما يجعل عدد الكتب التي تصدر في العالم العربي ضئيلا لا مجال لمقارنته بما يصدر من كتب في أصغر الدول المتقدمة حجما وأقلها سكانا. وبالرغم من المجهودات الحكومية العربية، لا تزال شبكات المكتبات العمومية ضعيفة لا تغطي حاجيات القراء، كما أن مسالك توزيع الكتاب وترويجه لا تزال ضعيفة، وسياسات التسويق لا تتسم بالحركية. وتبقى معارض الكتاب الموسمية هي المناسبات الأساسية التي يقبل فيها القارئ العربي على الكتاب.
فضلا عن هذه العوامل التي تعرضنا إليها والتي تحتاج إلى تحليل علمي عميق في مواقع أخرى، فإنّ علاقة الكتاب بغيره من الوسائل الثقافية الجماهيرية يمكن أن تؤثر بدورها في تحديد مكانة الكتاب. وستتركز هذه الدراسة على طرح مجموعة من الأفكار حول علاقة الكتاب بوسائل الإعلام الإلكترونية (من إذاعة وتلفزة وانترنات ووسائل متعددة الوظائف). وهي تهدف إلى الخروج بجملة من المقترحات لتوظيف هذه الوسائل الإلكترونيّة كي تكون رافدا يعزز مكانة الكتاب في الوطن العربي ولدى الجمهور العربي.