حمام روماني"... الشاة تجرأت على مناطحة الذئب
كتب- فالح العنزي:
قدم طلبة السنة الرابعة في قسم التمثيل والاخراج عرضهم المسرحي الكوميدي الساخر"حمام روماني" ليكون الوداع الاخير لهم بعد سنوات الدراسة التي قضوها في جنبات المعهد العالي للفنون المسرحية وتكفل المخرج منصور حسين المنصور برسم ملامح مشروع التخرج من خلال نص مسرحي للكاتب البلغاري العالمي ستانسلاف ستراتيف وتم اعداد النص باسلوب كوميدي خفيف اتسم بالافيهات والتعليقات الساخرة مما اضفى على الصورة العامة كوميديا نالت استحسان الجمهور الذي اغلبه من اهالي الطلبة واصدقائهم.
وتناول العرض المسرحي فكرة الواقع المأساوي الذي يعيشه غالبية ابناء الشعب عندما تتداخل مصالحهم مع مصالح الكبار فيدور الصراع الازلي بين المواطن الفقير والقوى الانتهازية التي تفرض سطوتها الظالمة بسن قوانين آنية بحسب مصلحتها ,ولا يتوقف الامر عند هذا الحد بلا ان التكالب بين هذه القوى هو سيد الموقف في حين ان المواطن عليه ان يدفع في نهاية الامر"فاتورة"الصراع دون ان يستفيد شيئا,من هنا تنطلق احداث المسرحية بعودة المواطن"ايفان"من رحلة استجمام خارجية لكنه يستغرب من وجود عمال وانشاءات وبناء وصحافة في منزله وللوهلة الاولى اعتقد انه مخطئ بعنوان منزله لكنه سرعان ما يكتشف الحقيقة وهي ان منزله الذي قبل ان يغادرة طلب من العمال عمل ترميمات بسيطة وقد اصبح مزارا ملكا للدولة...نعم ملكا للدولة وعليه ان يرضى بذلك فالحمام الروماني الذي اكتشفه العمال بالصدفة في سرداب المنزل يعتبر"كنزا وطنيا" لا يحق للمواطن الاستفادة منه والا كان نصيبه الويل والثبور...
إيفان أنتونوف المصدوم عليه البدء برحلة استعادة حقه المسلوب او الرضا بالواقع فالأمور في غير صالحه ووضعه المأساوي يشبه الحقيقة التي تقول: بأنه لا يمكن "للشاة ان تناطح ذئبا" فهو مسلوب الارادة وكل شيء يسير عكس ما يشتهي فاما القبول والخنوع والخضوع للزوار الجدد باسم الدولة او يجد نفسه متعديا على املاك الشعب,وقد اجاد الطالب عبدالله الريس الذي جسد شخصية "ايفان" تقمص الشخصية وتفوق على نفسه وكشف عن امكاناته كممثل في اكثر من حالة تمثيلية تعايش معها فوق الخشبة وكان ينتقل بينها بأريحية ودون تصنع رغم وجود بعض الافيهات"البط"ضمن سيناريو الحوار.
اكتشاف "الحمام الروماني"يقود الى توافد مجموعة من المهتمين والمتمصلحين منهم خبير الآثار الأستاذ الجامعي المتخصص "نواف القطان"الحالم بتحقيق الكسب المادي والشهرة الاعلامية تشاركه احلامه عشيقته"منال الجارالله" والصحافية "شذى سبت" والمنقذ "علي حسن" والجميع يتعامل مع "القريب" على انه"الغريب" فلا يتمالك نفسه ولا يتحمل هذا الاستيطان البشع فيحاول "الثورة" ليوضح الكاتب ان الارادة المسلوبة هي من تقود الشعب الى القيام بثورات سواء كانت فردية او شعبية.
ايفان المتشبث بمنزله يعيش في صراع المال والسلطة والنفس الشهوانية فهو على الرغم من مأساته الا ان "عينه زايغة" وهاو للعلاقات العابرة حيث يتمكن من اقامة علاقة مع عشيقة الاستاذ الجامعي التي كانت تفتقد للحب والعاطفة فالوقاحة بلغت بالاستاذ على مواعدتها في منزل ايفان دون ادنى اهتمام واحترام فتكتشف ان اللحظات التي كانت تحلم بها قد تبددت في ظل العشرات الذين يقطنون المنزل فتغضب منه لكنها رويدا رويدا تجد نفسها وقد وقعت في حب "ايفان" ليبدأ معنا الكاتب جبهة صراع اخرى بين ايفان والاستاذ,ومن ثم ينتقل الصراع بين كافة الاطراف الحكومية فمنهم تسيكوف الخبير ومهرب الآثار وكذلك ديا منديف الوسيط العقاري , ورئيس لجنة المنقذين الذي عينهما اتحاد منقذي الغرق لمراقبة الحمام ويصران على انقاذ الشعب من داخل الحمام الفارغ من الماء ليوضح لنا الكاتب بشاعة الحدث .
وتمكن المخرج منصور المنصور من تنفيذ رؤيته الاخراجية باقتدار وقاد مجموعته اليافعة لتقديم عرض مسرحي كوميدي ساخر بعناصر عديدة وظفها توظيفا سليما واختار مجموعة من الموسيقات التي تماشت مع طبيعة الحدث كما برز مهندس الاضاءة بدر المعتوق في توظيف الالوان بحسب الحالة اما الديكور فقد كان بسيطا متواضعا ادى الغرض المطلوب.