مقدمة :
في القرنين 17 و 18م تأكد ضعف العالم الإسلامي ، فتصاعدت الضغوط الأوربية .
- ما هي أشكال الضغوط الأوربية على العالم الإسلامي ؟
- ما هي العوامل المفسرة لهذه الضغوط؟
- ما هي نتائج هذه الضغوط؟
I - نماذج من الضغوط الأوربية على الإسلامي في القرنين 17 و 18م :
1 - فرض الأوروبيون ضغوطا عسكرية و دبلوماسية على الإمبراطورية العثمانية و المغرب :
* في أواخر القرن 17 ، تحالفت النمسا مع بولونيا و البندقية و البابوية من أجل الهجوم على الجيش العثماني ، فحققت انتصارات متتالية في موهاكس و زنتا . وآلت إلى عقد معاهدة كرلوفيتز سنة 1699م التي شكلت بداية التراجع العثماني في أوربا . و تنازلت الدولة العثمانية عن ممتلكات أخرى بمقتضى معاهدة باساروفيتز سنة 1718م.
* في الفترة 1696 – 1774 شنت روسيا القيصرية حروبا طويلة و متقطعة ، انتهت بتوقيع معاهدة كوتشك قينارجية التي أسفرت عن أهم تراجع عثماني بأوربا الشرقية .
* في القرنين 17 و 18 م تعرضت المدن الساحلية في كل من المغرب و الجزائر و تونس لقصف عسكري من طرف الأساطيل الأوربية خاصة الفرنسية و الإسبانية و البندقية بدعوى محاربة ما سمي بالقرصنة البحرية ( الجهاد البحري ). و فرض الأوربيون على هذه الدول معاهدات و اتفاقيات تخدم مصالحهم .
2 – مارس الأوروبيون ضغوطا اقتصادية على العالم الإسلامي :
* حصل التجار الأوربيون و رعاياهم المحميون ( الوسطاء و السماسرة ) على عدة امتيازات منها الإعفاء من الضرائب، و عدم الخضوع للقضاء العثماني و صيانة ممتلكاتهم من المصادرة. إلى جانب السماح لروسيا بحرية الملاحة البحرية في مضيقي البوسفور و الدردنيل ، و حق الدول الأوربية في حماية الأقليات المسيحية الخاضعة للنفوذ العثماني .
* زادت الرأسمالية الأوربية خلال القرن 18 من احتكارها للتجارة مع افريقيا الغربية عبر المحيط الأطلنتي ، و نشطت التجارة الثلاثية . فأدى ذلك إلى تعرض تجارة القوافل المغربية للنقصان . و استغلت الدول الأوربية سياسة الباب الفتوح التي نهجها السلطان سيدي محمد بن عبد الله للهيمنة على التجارة الخارجية المغربية و لغزو السوق الداخلية . في نفس الوقت حصل الأوربيون على عدة امتيازات . و أرغم المغرب على وضع حد للجهاد البحري .
II - أسباب تصاعد الضغوط الأوربية على العالم الإسلامي خلال القرنين 17م و 18م :
1 – تدهورت الأوضاع الداخلية بالعالم الإسلامي :
* عانت الإمبراطورية العثمانية من الضعف السياسي والعسكري : حيث أصبح الجيش الانكشاري يتدخل في الشؤون السياسية ، وأخذ يزاول أنشطة اقتصادية مختلفة ، متخليا عن وظيفته العسكرية .
* شهد المغرب في القرنين 17م و 18م بعض فترات عدم الاستقرار السياسي :
- الفترة الأولى سادت في النصف الأول من القرن 17م : حيث قام الصراع على الحكم بين أبناء أحمد المنصور الذهبي فانقسمت البلاد إلى عدة إمارات.
- الفترة الثانية عرفت بأزمة الثلاثين سنة ( 1727-1757): إذ تنازع أبناء المولى إسماعيل حول السلطة، و تدخل جيش عبيد البخاري في الشؤون السياسية.
- الفترة الثالثة ( 1790 – 1797): تنافس على الملك أبناء السلطان سيدي محمد بن عبد الله.
2 – شهدت أوربا تطورا واقتصاديا :
* عرف الطب تقدما ملموسا أدى إلى مواجهة الأوبئة الفتاكة كالطاعون . في نفس الوقت أدخلت إلى أوربا الذرة و توسعت الزراعة، فتحسن مستوى التغذية ووضع حد لخطر المجاعة. في ظل هذه المعطيات انخفضت الوفيات وارتفع التكاثر الطبيعي، و بالتالي تزايد عدد السكان.
* كانت أوربا مهدا للثورة الصناعية التي جعلت الاقتصاد ينتقل من الأسلوب التقليدي إلى النمط العصري . فتزايدت الحاجة إلى الأسواق الخارجية من أجل تصريف فائض الإنتاج الصناعي و جلب المواد الخام .
* أدى هذا التطور الاقتصادي إلى تصاعد نفوذ الطبقة البورجوازية التي تطلعت إلى انتزاع السلطة من يد الإقطاعية .
III - بعض نتائج تصاعد الضغوط الأوربية على العالم الإسلامي( الامبراطورية العثمانية نموذجا) :
1- تراجع نفوذ الامبراطوية العثمانية :
* من عواقب الهزائم العسكرية و المعاهدات المرتبطة بها فقدان الإمبراطورية العثمانية لجزء هام من أراضيها في أوربا الشرقية ( هنغاريا، ترانسلفانيا، مولدافيا، بيسارابيا، بودوليا، القرم، جورجيا ) لفائدة النمسا و روسيا
* في نفس الوقت استولت إيران على أذربيدجان ، وأصبحت ليبيا و تونس و الجزائر ولايات تابعة للعثمانيين إسما فقط ، كما ظهرت حركات انفصالية في المشرق العربي.
2- تأزم الوضع الاقتصادي و الاجتماعي :
* على المستوى الاقتصادي: تراجعت مداخيل التجارة ، و انخفضت قيمة العملة، وسجل عجز في الميزانية العامة . فاضطرت الدولة العثمانية إلى فرض ضرائب إضافية ، وإلى التأخر في أداء أجور الموظفين ، و إصدار عملات ذات عيار رديء .
* على المستوى الاجتماعي: تعرض الحرفيون و التجار العثمانيون للإفلاس ، فقاموا ببعض الثورات . مثلما تمرد الجيش الإنكشاري في مناسبات عديدة أمام انخفاض رواتبه.
خاتمة : تعددت أشكال الضغوط الأوربية على العالم الإسلامي . مما فرض على هذا الأخير القيام ببعض الإصلاحات .